باسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين
بر الوالدين
فإن لبر الوالدين ثمرات عظيمة بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه،فاعلموا أنه سبب في زيادة العمر وسعة الرزق وتفريج الكربات وإجابة الدعوات وانشراح الصدر وطيب الحياة.
وهو سبب في بر الأبناء بالآباء كما أنه دليل على صدق الإيمان وكرم النفس وحسن الوفاء،عن معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك،فقال: ((هل لك من أمّ؟)) قال: نعم. قال: ((فالزمها فإن الجنة عندرجليها)).
وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الرجل ليحرم الرزق بذنب يصيبه ولا يرد القدر إلاّ الدعاء ولا يزيد في العمر إلاّ البر)) وعن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليهوسلم: ((بروا آباءكم تبركم أبناؤكم...)) الحديث.
وفي قصة أصحاب الغارالثلاثة عبرة، فمن بينهم رجلاً كان باراً بوالديه فذكر ما كان منه معهما من البرثم قال: ((فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجة نرى منهاالسماء. ففرّج الله عز وجل لهم حتى رأوا منها السماء...)).
وعن عمر رضي الله عنه قال سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن، كان به برص، فبرأ منه إلاّ موضع درهم، له والدة هو بها برّ، لوأقسم على الله لأبره. فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل)).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ((دخلت الجنة فسمعتفيها قراءة، فقلت: من هذا؟)) قالوا: حارثة بن النعمان. فقال صلى الله عليه وسلم(كذلكم البر، كذلكم البر)) وكان أبر الناس بأمه. فقد رأينا كيف أوجب الإسلام بر الوالدين والإحسان إليهما في الحياة الدنيا وإن كانا مشركين وإنهما لا يطاعان إذا أمرا بمعصية مع الأدب التام معهما، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق كما ورد في الحديث.
وعلمنا أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر وأن من عق والديه ملعون، أي مطرود من رحمة الله، والعقوق هو أحد الذنوب الذي تعجل عقوبته في الدنيا قبل الآخرة.
فعلينا جميعاً أن نتسابق لنيل فضل بر الوالدين، وأن نفر من معصية عقوقهما والإساءة إليهما، هيا بنا نحترمهما ونجلهما, ونكون خدماً تحت أقدامهما، لا نسيء إليهما ولو بنظرة أو كلمة، ولا نرفع في وجهيهما عيناً ولا نعصي لهما أمراً.
هيا بنا نفعل ما يسعدهما بالتفوق فيما يحبان أن نتفوق فيه، فهذا من البر بالوالدين، وإذا كان أحب الأعمال إلى الله تعالى سروراً تدخله على قلب امرئ مسلم فما بالنا بإدخاله على الوالدين.
هيا بنا ندعو لهما في كل صلاة وعقب كل صلاة وفي كل وقت وحين رَّبّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا، ندعو لهما بكل خير وندعو لأنفسنا لِيوفقنا سبحانه لبرهما.
هيا بنا لا نتصرف تصرفاً – ولو في حياتنا الشخصية كالزواج مثلاً أو السفر للرزق أو العلم– إلا بعد إرضائهما واستسماحهما وموافقتهما, وإلا فالوبال والخسران في الدنيا والآخرة.
هيا بنا نبتعد عن المعاصي والموبقات؛ لأن ذلك يشينهما ويجلب لهما العار وهذا من عقوقهما.
هيا بنا نتواصى جميعاً بآبائنا وأمهاتنا ولا ندع فينا من يسيء إليهما.
هيا بنا نطمئن عليهما دائماً ولا نبخل عليهما بالرسائل؛ لأنهما لا يريدان منا سوى أن يطمئنا علينا.
هيا بنا نضيق على أنفسنا وبيوتنا إن كان والدينا في حاجة إلى المال الذي معنا (إن لي مالاً وأولاداً، وأبي يريد مالي) قال صلى الله عليه وسلم: ((اذهب، أنت ومالك لأبيك)). صحيح
وأخيراً هيا لنفوز بخيري الدنيا والآخرة: ((من سره أن يمد له في عمره ويزاد له في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه)). صحيح